وافق البرلمان الجزائري بالإجماع على مشروع قانون يهدف إلى تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر، واعتباره «جريمة دولة»، مع المطالبة باعتذار رسمي من فرنسا وتعويضات عن الأضرار التي خلّفها الاحتلال، في ظل استمرار أزمة سياسية ودبلوماسية حادة بين البلدين.
وشهدت الجلسة مشهدًا رمزيًا لافتًا، إذ وقف نواب المجلس الشعبي الوطني مرتدين ألوان العلم الجزائري، قبل أن يصفقوا مطولًا عقب المصادقة على النص، الذي يحمّل الدولة الفرنسية «المسؤولية القانونية عن ماضيها الاستعماري في الجزائر وما ترتب عليه من مآسٍ».
ويعدد القانون ما وصفه بـ«جرائم الاستعمار الفرنسي غير القابلة للتقادم»، ومن بينها الإعدام خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاغتصاب، والتجارب النووية، والنهب المنهجي للثروات. كما يؤكد حق الجزائر في التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالدولة والشعب خلال الحقبة الاستعمارية.
من جهتها، امتنعت فرنسا عن التعليق على التصويت، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال كونفافرو، الأسبوع الماضي، إن بلاده لا تعلّق «على نقاشات سياسية تجري في دول أجنبية».
وتُعدّ مسألة الاستعمار الفرنسي للجزائر من أبرز مصادر التوتر المزمن بين البلدين. فقد بدأ الاحتلال عام 1830، وترافق مع تدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وعمليات قمع واسعة وانتفاضات متكررة، وصولًا إلى حرب التحرير الدامية بين عامي 1954 و1962، التي تقول الرواية الجزائرية إنها أودت بحياة نحو 1.5 مليون جزائري، في حين يقدّرها مؤرخون فرنسيون بنحو 500 ألف قتيل، بينهم 400 ألف جزائري.
ولا تزال سردية حرب التحرير تحتل موقعًا مركزيًا في الذاكرة الوطنية الجزائرية، بينما تتحفظ فرنسا رسميًا على تقديم اعتذار صريح، مراعاةً لتيارات داخلية ترفض ذلك. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصف، خلال حملته الرئاسية عام 2017، استعمار الجزائر بأنه «جريمة ضد الإنسانية»، داعيًا إلى مواجهة الماضي وتقديم اعتذارات، قبل أن يتراجع لاحقًا عن فكرة الاعتذار الرسمي، مكتفيًا بـ«خطوات رمزية»
وينص مشروع القانون أيضًا على مطالبة فرنسا بتنظيف مواقع التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية، وتسليم خرائط التفجيرات النووية والتجارب الكيماوية والألغام المزروعة. وكانت فرنسا قد أجرت بين عامي 1960 و1966 سبع عشرة تجربة نووية في عدة مواقع صحراوية. كما يطالب النص بإعادة الأموال التي استُحوذ عليها من الخزينة الجزائرية، والممتلكات المنقولة، بما في ذلك الأرشيف الوطني.

