نقلا عن رويترز
وجدت الأسواق العالمية أرضًا أكثر استقرارًا يوم الاثنين، بعد تقلبات حادة سببتها التصريحات المتبادلة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، في وقت واصل فيه الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة، في إشارة إلى استمرار حالة التوتر.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدّد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الصين اعتبارًا من الأول من نوفمبر، فيما توعّدت بكين بإجراءات مضادة. لكنّ ترامب بدا أكثر تصالحًا يوم الأحد، إذ كتب في منشور أن “كل شيء سيكون على ما يرام” وأن الولايات المتحدة “لا تريد الإضرار بالصين”.
افتتحت الأسهم الأوروبية على ارتفاع (مؤشر .STOXX)، كما ارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية، رغم أن التداولات كانت محدودة بسبب عطلة في اليابان والولايات المتحدة.
وفي أوروبا، تركز الاهتمام على فرنسا، حيث يواجه رئيس الوزراء المُعاد تعيينه سيباستيان لوكورنو ضغوطًا للتوصل إلى اتفاق حول ميزانية البلاد.
وفي مؤشر على استمرار حالة القلق العالمية، ارتفع الذهب إلى مستويات قياسية جديدة متجاوزًا حاجز 4,000 دولار للأونصة، بينما تراجعت الأسهم الآسيوية بشكل حاد.
وقال روري ماكفرسون، مدير الاستثمار في شركة "رين ستيرلينغ" بلندن:
"إن استقرار الأسواق أمر مشجع. بالنظر إلى ما يجري من إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، والاضطرابات السياسية في فرنسا واليابان، يمكن القول إن الأسواق كانت قوية نسبيًا، وربما يكون التصحيح الحالي صحيًا".
ودافعت بكين يوم الأحد عن قيودها على تصدير العناصر الأرضية النادرة والمعدات، ووصفتها بأنها رد على “العدوان الأمريكي”، لكنها امتنعت عن فرض رسوم جديدة على المنتجات الأمريكية.
وقال كبير الاقتصاديين في "غولدمان ساكس" يان هاتسيوس إنّه رغم توقعه تمديد وقف التعريفات الحالي، إلا أنّ التطورات الأخيرة تشير إلى اتساع نطاق الاحتمالات الممكنة.
الشكوك القيادة اليابانية
الأسواق اليابانية، فقد واجهت بدورها اضطرابات بعد أن أصبحت ترقية زعيمة الحزب الديمقراطي الليبرالي، ساناي تاكايشي، إلى رئاسة الوزراء موضع شك، ما تسبب في ارتفاع حاد للين بنسبة كبيرة وانخفاض العقود الآجلة لمؤشر نيكاي بنسبة 5% يوم الجمعة.
وبقيت أسواق طوكيو مغلقة يوم الاثنين، في حين تراجع مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 1.5%. كما انخفض مؤشر الأسهم الصينية CSI300 بنسبة 0.5%، رغم صمود أسهم قطاعي العناصر النادرة وأشباه الموصلات.
وأظهرت البيانات التجارية بعض المتانة، إذ ارتفعت الصادرات بنسبة 8.3%، أي قرابة ضعف التوقعات، كما زادت الواردات بقوة.
وأشارت العقود الآجلة للأسهم الأمريكية إلى انتعاش محتمل عند إعادة فتح "وول ستريت" يوم الثلاثاء، إذ ارتفعت العقود الآجلة لمؤشري S&P 500 و ناسداك بأكثر من 1% لكل منهما.
وتنطلق موسم الأرباح هذا الأسبوع مع إعلان نتائج كبرى البنوك الأمريكية، من بينها جي بي مورغان، غولدمان ساكس، ويلز فارجو، وسيتي غروب.
ويتوقع محللو LSEG IBES أن ترتفع أرباح شركات مؤشر S&P 500 في الربع الثالث بنسبة 8.8% مقارنة بالعام الماضي، مما يتطلب نتائج قوية لتبرير التقييمات المرتفعة للأسواق.
وقال هومين لي، كبير الاستراتيجيين في بنك "لومبارد أودير":
"من المحتمل أن نشهد في المدى القريب بيئة أكثر تقلبًا وتذبذبًا للأصول الخطرة. القرار في مواجهة السوق الآن يعتمد على مدى قناعتك بالاتجاه العام".
الاضطرابات السياسية في فرنسا
ألقت السياسة بظلالها على أوروبا، حيث أعلن قصر الإليزيه الأحد تشكيلة حكومة لوكورنو الجديدة، مع إعادة تعيين رولان ليسكور، أحد المقربين من الرئيس إيمانويل ماكرون، وزيرًا للمالية.
ويتعين على لوكورنو الآن تمرير ميزانية عام 2026 عبر برلمان منقسم بشدة، وسط تهديد بتصويت بحجب الثقة.
وارتفع عائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بمقدار 1.2 نقطة أساس فقط ليصل إلى 3.48%، في حين ارتفعت الأسهم الفرنسية بنسبة 0.5%، في إشارة إلى تمسّك المستثمرين ببعض الأمل في استقرار سياسي قريب.
وقال هولغر شميدنغ، كبير الاقتصاديين في بنك "بيرنبرغ":
"حتى لو—وهو احتمال كبير جدًا—نجح لوكورنو في البقاء بالمنصب أطول من محاولته السابقة، فسيواجه معركة شاقة لتمرير ميزانية 2026 قبل نهاية العام".
استقرار أسواق العملات
شهدت أسواق العملات بعض الاستقرار بعد اندفاع المستثمرين يوم الجمعة نحو الملاذات الآمنة التقليدية مثل الين الياباني والفرنك السويسري.
فيما ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.7% إلى 152 ينًا، بعد أن انخفض 1.2% يوم الجمعة من مستوى 153.29، بينما استقر اليورو عند 1.1605 دولار، وارتفع الدولار بنسبة 0.3% مقابل الفرنك السويسري ليصل إلى 0.80105.
وظل مؤشر الدولار مستقرًا بعد خسارته 0.6% يوم الجمعة.
وفي أسواق السندات، أُغلقت سندات الخزانة الأمريكية بسبب العطلة، في حين ارتفعت عوائد السندات الحكومية الأوروبية بشكل طفيف.
وكانت عوائد السندات الأمريكية والأوروبية قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ أسابيع عقب تهديد ترامب بفرض رسوم جديدة يوم الجمعة، ما دفع المستثمرين إلى زيادة رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي.
وقال ماكفرسون من شركة "رين ستيرلينغ":
"من المثير للاهتمام أن سوق السندات حافظ على تماسكه يوم الجمعة، وهذا أمر مشجع بالنظر إلى الموجة البيعية الأخيرة في السندات طويلة الأجل".
وأشارت العقود الآجلة إلى احتمال بنسبة 98% لخفض الفائدة ربع نقطة مئوية من قبل الفيدرالي لاحقًا هذا الشهر، واحتمال مماثل لخفض آخر في ديسمبر.
وسيكون لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول فرصة لتوضيح رؤيته الاقتصادية خلال كلمته في الاجتماع السنوي لـ رابطة الاقتصاديين الأمريكيين (NABE) يوم الثلاثاء.
كما سيظهر عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، إلى جانب كبار مسؤولي البنوك المركزية المشاركين في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن.
النفط يتعافى تدريجيًا
كما استعادت أسعار النفط بعض مكاسبها وسط آمال في التوصل إلى تسوية بين الولايات المتحدة والصين لتجنّب رسوم جديدة.
ارتفع خام برنت بنسبة 1.6% ليصل إلى 63.74 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة مماثلة ليبلغ 59.83 دولارًا للبرميل.

